responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 259
فَقَطْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فِي هذه الآية.
(والثاني) فِيهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانَ. وَالْإِيمَانُ مُنْقِذٌ مِنَ الْعَذَابِ الأخروي وهذا هو الظاهر والله أعلم.
وقال قَتَادَةُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: لَمْ يَنْفَعْ قَرْيَةً كَفَرَتْ ثُمَّ آمَنَتْ حِينَ حَضَرَهَا الْعَذَابُ فَتُرِكَتْ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ وَظَنُّوا أَنَّ الْعَذَابَ قَدْ دَنَا مِنْهُمْ قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ التَّوْبَةَ وَلَبِسُوا الْمُسُوحَ وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ بَهِيمَةٍ وَوَلَدِهَا ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَلَمَّا عَرَفَ اللَّهُ مِنْهُمُ الصِّدْقَ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَالتَّوْبَةَ وَالنَّدَامَةَ عَلَى مَا مضى منهم كشف عَنْهُمُ الْعَذَابَ بَعْدَ أَنْ تَدَلَّى عَلَيْهِمْ. قَالَ قتادة: وذكر أن قوم يونس بِنِينَوَى أَرْضِ الْمَوْصِلِ وَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَؤُهَا فَهَلَّا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ أَبِي الْجَلْدِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ جعل يدور على رؤوسهم كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَمَشَوْا إِلَى رَجُلٍ مِنْ علمائهم فقالوا: علمنا دعاء ندعو به لعل الله أن يَكْشِفُ عَنَّا الْعَذَابَ فَقَالَ: قُولُوا:
يَا حَيُّ حين لا حي، يا حي محيي الموتى، يا حي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، قَالَ فَكَشَفَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ.
وَتَمَامُ الْقِصَّةِ سَيَأْتِي مُفَصَّلًا فِي سُورَةِ الصافات إن شاء الله.

[سورة يونس (10) : الآيات 99 الى 100]
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100)
يَقُولُ تَعَالَى: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ لَأَذِنَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ كُلِّهِمْ فِي الْإِيمَانِ بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ فَآمَنُوا كُلُّهُمْ وَلَكِنْ لَهُ حكمة فيما يفعله تعالى كقوله تَعَالَى: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هُودٍ: 118- 119] وَقَالَ تَعَالَى: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً [الرَّعْدِ: 31] وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ أَيْ تُلْزِمُهُمْ وَتُلْجِئُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ عليك ولا إليك بل اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ [النحل: 93] فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ [فَاطِرٍ: 8] لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [الْبَقَرَةِ: 272] لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [الشُّعَرَاءِ:
3] إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [الْقَصَصِ: 56] فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرَّعْدِ:
40] فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الْغَاشِيَةِ: 21- 22] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ الْهَادِي مَنْ يَشَاءُ الْمُضِلُّ لِمَنْ يَشَاءُ لِعِلْمِهِ وحكمته وعدله ولهذا قال تعالى: وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ وَهُوَ الْخَبَالُ وَالضَّلَالُ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ أَيْ حُجَجَ اللَّهِ وَأَدِلَّتَهُ، وَهُوَ الْعَادِلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ فِي هِدَايَةِ من هدى وإضلال من ضل.

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست